12 Feb
12Feb

خلف الأفق البعيد، تلتقي الشمس برمال الطريق، يلوح لمعان خادع، يشبه الوعد الذي لا يأتي، كلما اقتربت تراقص أمامي كطيفٍ مراوغ، يدعوني للمضي قدماً

و كأن المسافة بيني وبينه قدر لا يكتمل، لم يكن العطش وحده دافعي بل اليقين بأن هناك شيئًا في النهاية، شيئاً يستحق العناء، لكن مع كل خطوة كنت أدرك أن ما أبحث عنه ليس سوى انعكاس لرغباتي، صورة صنعتها أمنيتي ورسمها الأمل على صفحة الهواء.

 ليست كل الطرق تؤدي إلى ماء، وليست كل الومضات نجوماً

لم يكن السراب إلا درساً طريقاً يقودني نحو حقيقة لم أكن أراها من قبل : ليست كل الطرق تؤدي إلى ماء، وليست كل الومضات نجوماً، أحياناً يكون التراجع حكمة، وأحياناً يكون السراب مجرد وهمٍ جميل يعلّمني كيف أميز بين الحقيقة والحلم.

لم يكن السراب سوى مرآة عاكسة لما في داخلي، صورة لآمالي التي بنيتها على ظلال واهية

وها أنا أقف في منتصف الطريق، بين ما كنت أظنه حقيقة وما اكتشفت أنه مجرد خيال، لم يكن السراب سوى مرآة عاكسة لما في داخلي، صورة لآمالي التي بنيتها على ظلال واهية، كنت أركض! ظننت أن الوصول مسألة وقت وأن المسافة تقاس بالخطوات، ولم أدرك أن بعض الرحلات لا تنتهي إلا عندما نقرر نحن أن نتوقف.

أدركت أن الجري خلف السراب ليس إلا اختبارًا للصبر والبصيرة، وأنه ليس كل ما يلمع يستحق المطاردة

أحياناً يكون أعظم انتصار هو الاعتراف بأن الطريق الذي اخترته كان مجرد انعكاسٍ لوهم، وأني أملك الخيار في الالتفاف والبحث عن مسار آخر أكثر واقعية، أكثر صدقاً، وأكثر قدرة على احتضان عطشي للحقيقة.

تعلمت أخيراً أن الحقيقة لا تكمن في ما يبدو بعيداً وبراقاً، بل في ما يستقر في الروح دون أن يحتاج إلى الركض خلفه

الآن أتنفس بعمق، أنظر إلى الأفق من جديد، ولكن بعين مختلفة، لم يعد يغويني السراب! ولم تعد تغريني المسافات الممتدة بلا نهاية، لقد تعلمت أخيراً أن الحقيقة لا تكمن في ما يبدو بعيداً وبراقاً، بل في ما يستقر في الروح دون أن يحتاج إلى الركض خلفه.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.